الصفحة الأولى  الآثار

  آثار تل الرفيعة

 

المصدر: مجلة الواحة، العدد الرابع والأربعون. السنة الثالثة عشرة – الربع الأول 2007 م

الكاتب : نبيل يوسف الشيخ يعقوب

 

تعتبر جزيرة تاروت من أحد أهم المواقع الأثرية في العالم والتي لم تأخذ حقها في الدراسة العلمية الأثرية بالرغم من أن بعض التنقيبات الأثرية المحدودة قد تمت على أرض هذه الجزيرة، كما يعتقد أيضا الكثير من المؤرخين أن أصل الفينيقيين من هذه المنطقة وإن اسم تاروت مشتقا من اسم عشتاروت آلهة الحب والجمال معبودة الفينيقيين، هذه القضية المتعلقة بأصل الفينيقيين قضية هامة لا تزال محل خلاف إلى اليوم. 

 

هذه الجزيرة الصغيرة أعطت الكثير من التحف والمعثورات الأثرية من تلالها ومدافنها التي كانت تنتشر على أرضها ثم اختفت بلا رقيب تحت راية التوسعة العمرانية أو تحت حب تملك بعض من الأفراد لتلك القطع والمعثورات النادرة أو أنها بيعت لبعض من الأجانب لكن يجب أن لا ننسى أيضا أن بعض من هذه القطع الأثرية والمهمة أيضا أهدت لإدارة الآثار والمتاحف وهى معروضة اليوم في المتحف الوطني بالرياض والمتحف الإقليمي بالدمام[i]. ويرجع الفضل الأول في ثراء الجزيرة الغير عادي يعود إلى توفر ينابيع الماء العذبة وموقعها الهام في تجارتها البحرية البعيدة وكمركز ملتقى التجارة العالمية والمحلية وموقع لإعادة تصنيع وتصدير المواد الخام. 

  

تقع جزيرة تاروت في خليج القطيف مقابل مدينة القطيف وهى دائرية الشكل بعض الشيء ويقدر أقصى طول لها من الشمال إلى الجنوب بحوالي ستة كيلومترات ومن الشرق إلى الغرب بحوالي الخمسة والنصف كيلومترات وكانت تبعد عن مدينة القطيف بحوالي الستة كيلومتر إلى الشرق لكن بعملية دفن مياه الخليج من الجهة الغربية للجزيرة ومن جهة اليابسة أيضا فقد تغيرت كثيرا معالم الجزيرة حتى انتهت صفة الجزيرة عنها تقريبا لذا فقد فقدنا أيضا منها المواقع الأثرية الغارقة  بسبب ردم جزء من خليج تاروت كما نفقد منها أيضا العمارة التقليدية المحلية من على أرضها التي أعطت الكثير لكن لم يقدر لها هذا العطاء. 

 

ومن التلال الأثرية المتبقية في الجزيرة تل تاروت وتل الربيعية وتل الرفيعة وتل فريق الأطرش وتل دارين وتلال الزور، هذه التلال محمية تحت قانون الآثار ويمكن زيارة المواقع المسورة منها من بعد التنسيق مع إدارة المتحف الإقليمي بالدمام. 

 

تل الرفيعة

على بعد حوالي 1500 متر شرق جنوب شرق تل تاروت وبين قرية الرفيعة والربيعية أرض سبخة عليها تلال رملية تم إصلاحها زراعيا قبل عام 1964م ليتم استغلالها فتم بهذا أن سويت بعض من تلك التلال بمستوى الأرض، فكشف بهذا عن معثورات أثرية مثل قطع من أواني المرمر وأواني من الحجر الصابوني لم يعرف تاريخها في ذلك الوقت مع قطع من أواني تعود إلى الفترة الهيلينستية وأيضا بعض من كسر الفخار الأحمر المعروف في جزيرة البحرين باسم باربار وهو يعود إلى أواخر الألف الثالث قبل الميلاد، كما كشف هذا عن بعض من المدافن الهيلينستية والتي تشابه مدافن جزيرة البحرين في تلك الفترة.  

وفي بداية عام 1966م وأثناء شق طريق في نفس المنطقة سلم لبلدية تاروت مجموعة من الأواني المزججة والغير مزججة والتي تعود إلى الفترة الهيلينستية وبعض من الأواني من حجر المرمر والحجر الصابوني وأيضا حجر لشاهد قبر عليه كتابة إغريقية وأيضا تمثال من الحجر بطول المتر تقريبا وهو شبيه بتماثيل ماري[ii] والتي تعود إلى عصر السلالات الباكرة (Bibby, 1968 : 31, 33). هذا التمثال محفوظ الآن في المتحف الوطني بالرياض وهو موضوع هذه الدراسة[iii].  

ولقد أقامت البعثة الدنمركية في عام 1968م برئاسة الدكتور Bibby, T. G على أحد تلال الرفيعة ثلاث مجسات إختبارية كانت بأطوال (2×1م)، (2×1م) و (9×1م)، وكانت المعثورات المكتشفة في هذه المجسات من كسر الفخار وكسر من أواني الحجر الصابوني التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد في طبقة استيطانية تخللتها طبقات من الحفر قد تكون لقبور تعود إلى الفترة الهيلينستية بعد أن تغطت المستوطنة بالرمل (Bibby, 1968 : 33, 35). 

كما أقامت الدكتورة Constance, Maria Piesinger في عام 1975-1976م على أحد تلال الرفيعة على الإحداثية 30 33 26 شمال - 37 04 50 شرق مجسين بطول (4×4م) و(2×2م) واتضح وجود طبقة استيطانية تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وان طبقات هذا التل ليست منتظمة بسبب التعديات والتخريب التي لحقت على التل، ومن أهم نتائج هذه المجسات وجود كسر فخار الألف الثالث قبل الميلاد والفخار الهيلينستي في هذه الطبقات ومسامير من النحاس وخرز من حجر اللازورد وكسر من أواني المرمر وأيضا المصنعة من الحجر الصابوني ووجود أيضا قطع من معدن النحاس وقطع من حجر اللازورد والحجر الصابوني وهي ليست مصنعة مما يثبت وجود حركة تجارية عالمية على أرض الجزيرة وان تاروت احد مراكز صناعة أواني الحجر الصابوني (Piesinger 1983 : 173-190).   وفي عام 1991م قام فريق من المتحف الإقليمي بالدمام برئاسة الأستاذ علي بن صالح المغنم بالتنقيب في تل الربيعية الذي يقع في جنوب غرب قرية الربيعية وإحداثياته 37 33 26 شمال - 27 04 50 شرق، هذا التل يرتفع عن ما حوله من ارض سبخة بحوالي المتران وهو عبارة عن مدفن رئيسي يتصل بمدافن جانبية وبطابع البناء المدرج الذي يختلف عن طرق بناء المدافن المعروفة في المنطقة الشرقية مثل مدافن الظهران ومدافن ابقيق كما أن عمارته بمواد محلية من حجر الفروش والملاط الطيني البحري. 

وبسبب الاعتداءات والتغيرات الكثيرة التي طرأت على تركيبة التل المعمارية فكانت معظم المرفقات الجنائزية من أواني فخارية متهشمة ومتكسرة وتماثل ما عثر عليه بموقع قلعة تاروت ومدافن جنوب الظهران. 

كما عثر على كسر متفحمة تحتوي على أجزاء عظمية بداخلها في طبقة محترقة غير منظمة من طبقات الدفن في هذه المقبرة ربما كانت دليلا على ممارسة حرق الموتى قبل دفنهم وهو أسلوب من أساليب الدفن في العصر البرونزي، كما عثر أيضا على جرة فخارية مهشمة جدا وبداخلها كسر مفتتة من العظام الآدمية المتكلسة تمثل نمط من أنماط الدفن التي سادت بهذه المنطقة على غرار ما عرف به في بلاد الشرق القديم. كما عثر أيضا على عدد كبير من القطع البرونزية المتأكسدة والمهترية التي من الصعب استخراجها بشكل سليم وهى عبارة عن أجزاء من مسامير وأدوات زينة رقيقة (المغنم 1414 : 11-20).  

وأخيرا في عام 2006م قام فريق من المتحف الإقليمي بالدمام برئاسة الأستاذ سعيد الصناع بحفر مجسات إختبارية بعدد أربعة مجسات على ارض مسجد الخضر في جزيرة تاروت قبل أن يعاد أعماره، وكانت النتيجة سلبية إذ أن المعثورات من كسر الفخار كانت حديثة وقد يرجع هذا لأزالت الطبقات القديمة عند بناء هذا المسجد في السابق، هذا إذا اعتقدنا أن بنائه كان على تل اثري؟   

  

المراجع العربية:

-المغنم، علي بن صالح، 1414هـ، تل الربيعية بجزيرة تاروت شاهد من شواهد العصر البرونزي القديم، كندة، نشرة إخبارية نصف سنوية تصدرها الجمعية السعودية للدراسات الأثرية، العدد الأول، 11- 20. 

-مورتكات، انطون، 1969م، الفن في العراق القديم، ترجمة وتعليق الدكتور عيسى سلمان وسليم طه التكريتي. 

  

المراجع الأجنبية:  

-Bibby, T. G, 1968, Preliminary survey in east Arabia, Reports of the Danish archeological expedition to the Arabian Gulf, Volume two. 

-Constance, Maria Piesinger, 1983, Legacy of Dilmun: The roots of ancient maritime trade in eastern coastal Arabia in the 4th/3rd millennium B.C, A thesis submitted in partial fulfillment of the requirements. 

  

الهوامش:

[1] لقد أهدت السيدة  Grace Burkholder الكثير من القطع الأثرية من جزيرة تاروت لإدارة الآثار. 

[2] تقع آثار مدينة ماري (تل الحريري) على بعد 11 كم شمال غرب بلدة البوكمال الواقعة على الحدود العراقية السورية. 

[3] تأسست إدارة الآثار والمتاحف في عام 1964م. 

Free Web Hosting